GAMAL DIAB GAMAL DIAB
عدد المساهمات : 3051 تاريخ التسجيل : 08/02/2011 العمر : 33
| موضوع: الشخصية ال (21) : عمر بن عبد العزيز 2011-06-30, 1:02 pm | |
|
الشخصية ال (21)
عمر بن عبد العزيز
نبذة عنه
إنه لا ينتمي لعصر الوحي فحسب بل إنه الرجل الذي حاول نقل عصر الوحي بمُثُلِه وفضائله إلى دنيا مائجة هائجة ، مفتونة مضطربة متلفعة بالظلم والقهر، متعفنة بالتحلل والترف، ثم نجح في محاولته نجاحاً يبهر الألباب
فهل تدهش وتذهل لأنه بمفرده حاول تحقيق هذا المستحيل ؟!.. أم تدهش وتذهل لأنه بمفرده قد حقق هذا المستحيل فعلاً؟!.. ليس في عشرين سنة ولا في عشرة أعوام ، بل في عامين وخمسة شهور وبضعة أيام.
قال فيه بعض الكتاب:" الخليفة الكامل". وقال بعضهم : " أريد منكم أن تأخذوا الأقلام بأيديكم وتجمعوا أذهانكم وتكتبوا كل صفة تتمنون أن يتصف بها الحاكم في نفسه، وفي أهله، وفي أمانته وسياسته، وفي لينه وشدته حتى إذا اكتملت الصورة الخيالية التي صورتها أمانيكم وآمالكم جئتكم بحقيقة واقعية بملك من ملوكنا تعدلها وقد تزيد عليها
نسبه
هو عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية الإمام الحافظ، العلامة المجتهد، الزاهد العابد، السيد أمير المؤمنين حقاً أبو حفص ، القرشي الأُموي المدني ثم المصري، الخليفة الزاهد الراشد، أشجُّ بني أمية.
وأمه : هي أم عاصم ليلى بنت عاصم بن عمر بن الخطاب
ولادته
ولد سنة : ثلاث وستين؛ وقيل: سنة إحدى وستين وهي السنة التي قتل فيها الحسين بن علي رضي الله عنهما بمصر .. وقيل: سنة تسع وخمسين
نشأته
كان عمر رحمه الله ابن والي مصر عبد العزيز، وكان يعيش في أسرة الملك والحكم حيث النعيم الدنيوي، وزخرف الدنيا الزائل وكان رحمه الله يتقلب في نعيم يتعاظم كل وصفويتحدى كل إحاطة..
إنّ دخله السنوي من راتبه ومخصصاته، ونتاج الأرض التي ورثها من أبيه يجاوز أربعين ألف دينار .. وإنه ليتحرك مسافراً من الشام إلى المدينة فينتظم موكبه خمسين جملاً تحمل متاعه..
وكان يلبس أبهى الثياب وأغلاها .. ويضمخ نفسه بأبهج عطور دنياه حتى إنه ليعبر طريقاً ما، فيعلم الناس أنه عبره، وكان رحمه الله يتأنق في كل شيء .. حتى المشية .. التي انفرد بها وشغف الشباب بمحاكاتها وعرفت لفرط أناقتها واختيالها بـ "المشية العمرية"
ثم إنه رحمه الله مع هذا كله كان فيه نبوغ مبكر فلم تنسه هذه الدنيا وزخرفها الله تعالى والدار الآخرة، بل إنه رحمه الله كان فيه حب للعلم وأهله كما سيأتي …
لقد جمع القرآن وهو صغير تحدث هو عن نفسه وطفولته فقال : " لقد رأيتني بالمدينة غلاماً مع الغلمان ثم تاقت نفسي للعلم، فأصبت منه حاجتي " .. ورغب إلى والده أن يغادر مصر إلى المدينة ليَدْرُس بها ويتفقه، فأرسله إليها وعهد به إلى واحد من كبار معلمي المدينة وفقهائها وصالحيها وهو: صالح بن كيسان رحمه الله،
ثم لا يكاد ينزل بها حتى يلوذ بالشيوخ والعلماء والفقهاء، متجنباً أترابه ولِدَاته .. وأقبل على العربية وآدابها وشعرها فيستوعب من ذلك كله محصولاً وفيراً
بكاؤه حال صغره وخوفه
لما حج أبوه اجتاز به في المدينة فسأل صالح عنه فقال: ما خبرت أحداً الله أعظم في صدره من هذا الغلام
بكى وهو غلام صغير فأرسلت إليه أمه وقالت: ما يبكيك؟ قال: ذكرت الموت، قال أبوقبيل : وكان يومئذ قد جمع القرآن، فبكت أمه حين بلغها ذلك
قصة تسميته بأشج بني أمية
دخل عمر بن عبد العزيز رحمه الله إلى إصطبل أبيه فضربه فرس فشجه فجعل أبوه يمسح الدم عنه ويقول: إن كنت أشج بني أمية إنك إذاً لسعيد - وسيأتي تفسير قوله
زواجه وصفاته
لما مات أبوه أخذه عمه أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان فخلطه بولده وقدمه على كثير منهم، وزوجه بابنته فاطمة، وهي التي يقول فيها الشاعر:
بنت الخليفة والخليفة جدها ــــــ أخت الخلائف والخليفة زوجها
كان رحمه الله أسمر دقيق الوجه، حسنه، نحيف الجسم، حسن اللحية، بجبهته شجة، غائر العينين.
التبشير به
روى أبو داود الطيالسي بسنده عن ابن عمر قال: يا عجباً ! يزعم الناس أن الدنيا لا تنقضي حتى يلي رجل من آل عمر يعمل بمثل عمر
قال: وكانوا يرونه بلال بن عبد الله بن عمر، قال: وكان بوجهه أثر فلم يكن هو وإذا هو عمر بن عبد العزيز وأمه ابنة عاصم بن عمر بن الخطاب.
وروى البيهقي بسنده عن نافع قال: بلغنا أن عمر بن الخطاب قال: إن من ولدي رجلاً بوجهه شجان يلي فيملأ الأرض عدلاً. قال نافع من قبله : ولا أحسبه إلا عمر بن عبد العزيز.
قال وهيب بن ورد: بينما أنا نائم رأيت كأن رجلاً دخل من باب بني شيبة وهو يقول: يا أيها الناس ! ولي عليكم كتاب الله، فقلت: من؟ فأشار إلى ظفره فإذا مكتوب عليه (ع م ر)، قال: فجاءت بيعة عمر بن عبد العزيز
صفحات من حياته في عهد الوليد بن عبد الملك
كان رحمه الله على قدم الصلاح أيضاً، إلا أنه كان يبالغ في التنعم فكان الذين يعيبونه من حساده لا يعيبونه إلا بالإفراط في التنعم، والاختيال في المشية فلما ولي الوليد الخلافة أمَّر عمر على المدينة فوليها من سنة ست وثمانين إلى سنة ثلاث وتسعين
ولايته على المدينة وأعماله فيها
لما قدم عليها والياً فصلى الظهر دعا بعشرة: عروة وعبيد الله وسليمان بن يسار والقاسم وسالماً وخارجة وأبا بكر بن عبد الرحمن وأبا بكر بن سليمان وعبد الله بن عامر، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:
"إني دعوتكم لأمر تؤجرون فيه، ونكون فيه أعواناً على الحق، ما أريد أن أقطع أمراً إلا برأيكم أو برأي من حضر منكم، فإن رأيتم أحداً يتعدى، أو بلغكم عن عامل ظلامة فأحرج بالله على من بلغه ذلك إلا أبلغني" . فجزوه خيراً وافترقوا.
وبنى في مدة ولايته هذه مسجد النبي ووسعه عن أمر الوليد له بذلك.
واتسعت ولايته فصار والياً على الحجاز كلها … وراح الأمير الشاب ينشر بين الناس العدل والأمن وراح يذيقهم حلاوة الرحمة وسكينة النفس .. صارخاً بكلمة الحق والعدل، نائياً بنفسه عن مظالم العهد وآثامه متحدياً جباريه وطغاته … وعلى رأسهم الحجاج بن يوسف الثقفي ..
وكان عمر يمقته أشد المقت بسبب طغيانه وعَسْفه، وكان نائباً على الحج في إحدى السنين فأرسل عمر إلى الوليد يسأله أن يأمر الحجاج ألا يذهب إلى المدينة ولا يمر بها رغم أنه يعرف ما للحجاج من مكانة في نفوس الخلفاء الأمويين…
وأجاب الخليفة طلب عمر وكتب إلى الحجاج يقول: " إن عمر بن عبد العزيز كتب إليَّ يستعفيني من ممرك عليه بالمدينة فلا عليك ألا تمر بمن يكرهك، فنح نفسك عن المدينة".
وراح هذا الأمير الشاب يعمر ويعمر بادئاً بالمسجد النبوي وفي كل الحجاز الآبار والطرق ، وفي حدود ولايته وسلطانه رد للأموال العامة كرامتها وحرمتها فلم تعد سهلة المنال لكل ناهب خالس، كما لم تعد ألعوبة في يد كل مسرف ومترف … وفتح أبواب المدينة للهاربين من ظلم الولاة في كل أقطار الدولة .. وحماهم من المطاردة ووفر لهم الطمأنينة والأمن .
ووشى به الحجاج وشاية إلى الوليد كانت سبباً في عزله.. ولما عُزِل منها وخرج منها التفت إليها وبكى وقال لمولاه: " يا مزاحم نخشى أن نكون ممن نفت المدينة".
يعني أن المدينة تنفي خبثها كما ينفي الكير خبث الحديد وينصع طيبها ونزل بمكان قريب منها يُقال له السويداء حيناً، ثم قدم دمشق على بني عمه
حسنته على سليمان بن عبد الملك
إن الوليد عزم على أن يخلع أخاه سليمان من العهد، وأن يعهد إلى ولده فأطاعه كثير من الأشراف طوعاً وكرهاً، فامتنع عمر بن عبد العزيز وقال: " لسليمان في أعناقنا بيعة ". وصمم ، فعرفها له سليمان
صفحات من حياته في عهد سليمان بن عبد الملك
كان سليمان بن عبد الملك من أمثل الخلفاء، نشر عَلَم الجهاد، وجهّز مائة ألف برّاً وبحراً فنازلوا القسطنطينية، واشتد القتال والحصار عليها أكثر من سنة .
قال سليمان لعمر بعد أن ولي: " يا أبا حفص ! إنا ولينا ما قد ترى، ولم يكن لنا بتدبيره علم فما رأيت من مصلحة العامة فمر به". فكان من ذلك عزل الحجاج، وأقيمت الصلوات في أوقاتها بعد ما كانت أميتت عن وقتها مع أمور جليلة كان يسمع من عمر فيها.
فقيل إن سليمان حج فرأى الخلائق بالموقف فقال لعمر: أما ترى هذا الخلق لا يحصي عددهم إلا الله ؟ قال: هؤلاء اليوم رعيتك، وهم غداً خصماؤك. فبكى بكاءً شديداً.
اصطحبه الخليفة سليمان يوماً لزيارة بعض معسكرات الجيش وأمام معسكر يعج بالعتاد والرجال سأله سليمان في زهوه:" ما تقول في هذا الذي ترى يا عمر؟" فقال :"أرى دنيا، يأكل بعضها بعضاً وأنت المسؤول عنها والمأخوذ بها" فقال له بعد أن بُهت:"ما أعجبك!!" فقال عمر:"بل ما أعجب من عرف الله فعصاه، وعرف الشيطان فاتبعه وعرف الدنيا فركن إليها".
كيفية خلافته
أخي الكريم سترى من بداية هذا العنصر وهو نقطة التحول في حياة عمر رضي الله عنه… سترى ربيب الملك، وحفيد المجد، وابن القصور الناعمة والمباهج الهاطلة، ذلك الشاب بعد أن تحمل مسؤولية أمة محمد صلى الله عليه وسلم كيف تحولت حياته وتغير جدول أوقاته.
وكان توليه الملك في عز شبابه في الخامسة والثلاثين من عمره.
| |
|